ما السر في بقاء ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام ماثلة على مدى قرون من الزمان؟
ما الذي يدفع ملايين من الناس للخروج من بيونهم كل عام مرتدين الحداد لاطمين يهتفون باسم الحسين؟
هل لأن واقعة كربلاء قد تضمنت بعض الفضائل التي تستهوي البشر مثل التضحية والإيثار ولزوم الحق مما جعلها راسخة في تاريخ البشر وقلوبهم ؟.. هذا تعليل غير وافٍ لأن هناك الكثير من قصص التاريخ التي تضمنت أعلى مراتب الأخلاق مثل قصص الأنبياء وبعض الثوار والمصلحين الذين استشهدوا ولم تستدعِِ نزول أحد إلى الطرق كل عام بمحفل عظيم وطقوس خاشعة وعنيفة بستمر فيها الرثاء إلى يوم الأربعين وبشعائر حزينة لا تضاهيها أي مناسبة أخرى حتى وفاة النبي محمد نفسه ؟
إليكم (مما قرأت )* بعض التحليلات والتعليلات التي تحاول تفسير سر خلود العزاء الحسيني ليومنا هذا :
1) لأن قصة كربلاء كانت عملا بطوليا روحانيا قائما على التضحية والتحدي في سبيل الحق بالسيف والدم..وعملا جماعيا منسجما فكان أكثر تأثيرا من لو كان موتا عاديا أو اغتيالا صامتا أو عملا فرديا.. وهذا ما ميز شهادة الإمام الحسين عن شهادة سائر الأئمة (ع).
2) اصطحاب الأهل والعيال في موقعة كربلاء ساعد في حفظ ونقل تفاصيل الحادثة واستمرارها.
3) اهتمام رجال الدين بهذه الواقعة والترويج لها حيث ينفرد الإمام الحسين من بين الأئمة بما تبديه الحوزة العلمية من اهتمام بذكرى استشهاده.وبالتالي يتأثر الرأي العام لاسيما وأن المجالس الحسينية ليست حكرا على رجال الدين بل يرتادها كل الناس بما فيهم الشعراء والكتّاب وأصحاب الفنون الأخرى ..وكل له تأثيره.
4) عادات الآباء يتقلدها الأبناء فمع مرور السنين أصبح إحياء ذكرى عاشوراء ضمن العادات والتقاليد التي يتربى الشيعي عليها والتي يأخذها جيل عن جيل .
5) أصبحت ذكرى الحسين عامل من عوامل توحيد الشيعة إذ يحسون بالقرب والانتماء والانسجام في إطار الثقافة الشيعية التي تميزهم في مقابل الثـقافات الأخرى لاسيما الثقافة السنية التي كانت هي الحاكمة في العالم الإسلامي بينما كان الشيعة أقلية وبحاجة إلى الاقتراب من بعضهم البعض والامتياز بهوية خاصة وإعلان وجود ولبس أفضل من الثورة الحسينية كمفخرة ثقافية في ذلك..
6) تنفرد طقوس عاشوراء بأنها الاجتماع العام الذي يقبل بمشاركة الجميع كما أنها التظاهرة التي يتمكن الفرد فيها من إظهار نفسه ومواهبه : إذ يستطيع ذو القوة البدنية أن يرفع الرايات الثقيلة مثلا والمباهاة بقوته ويتمكن ذو الصوت الحسن من النعي وجذب الأسماع وذو الميول الإدارية له أن يدير المواكب وينظم ويستطيع الغني بذل ماله وكسب الوجاهة الاجتماعية، وإذا كان ضعيفا يأكل الطعام ويلطم على صدره وإذا كان شقيا يطبر وإذا كان رقيق القلب يذرف الدموع ومن لا يتمكن أو لا يرغب في المساهمة يقف متفرجا فيكسب أجرا أخرويا ومتعة دنيوية ، وإذا كانت امرأة خرجت بدل الانزواء في البيت..الخ
7) في بعض الفترات التاريخية منعت الطقوس العاشورائية لذلك تزيد رغبة الإنسان بالممنوع فكلما تصدت الحكومات لهذه الشعائر تأتي النتيجة لدى الشعوب معاكسة حيث يزيد التعلق بها والإصرار عليها حتى لو بالخفاء.
8 ) الدعوة للاحتفال بالحسين ونهضته ورعاية هذا الاحتفال يأتي من خلال أنشطة مجتمعية ومؤسسات شعبية فلابد أن يستجيب لها الجمهور ويتفاعلون معها أكثر من لو كانت من جهة الحكومات.
9) استئناس عامة الناس بالأساطير والحوادث الرمزية والمبالغات التي ضاعفت من قداسة هذه الواقعة كونها مرتبطة بشخص مقدس وبطل وهو (الحسين) سبط النبي (ص).
* للاطلاع : راجع مجلة (نصوص معاصرة) العدد الثامن 2006
**باختصار وتصرف من المصدر.
ما الذي يدفع ملايين من الناس للخروج من بيونهم كل عام مرتدين الحداد لاطمين يهتفون باسم الحسين؟
هل لأن واقعة كربلاء قد تضمنت بعض الفضائل التي تستهوي البشر مثل التضحية والإيثار ولزوم الحق مما جعلها راسخة في تاريخ البشر وقلوبهم ؟.. هذا تعليل غير وافٍ لأن هناك الكثير من قصص التاريخ التي تضمنت أعلى مراتب الأخلاق مثل قصص الأنبياء وبعض الثوار والمصلحين الذين استشهدوا ولم تستدعِِ نزول أحد إلى الطرق كل عام بمحفل عظيم وطقوس خاشعة وعنيفة بستمر فيها الرثاء إلى يوم الأربعين وبشعائر حزينة لا تضاهيها أي مناسبة أخرى حتى وفاة النبي محمد نفسه ؟
إليكم (مما قرأت )* بعض التحليلات والتعليلات التي تحاول تفسير سر خلود العزاء الحسيني ليومنا هذا :
1) لأن قصة كربلاء كانت عملا بطوليا روحانيا قائما على التضحية والتحدي في سبيل الحق بالسيف والدم..وعملا جماعيا منسجما فكان أكثر تأثيرا من لو كان موتا عاديا أو اغتيالا صامتا أو عملا فرديا.. وهذا ما ميز شهادة الإمام الحسين عن شهادة سائر الأئمة (ع).
2) اصطحاب الأهل والعيال في موقعة كربلاء ساعد في حفظ ونقل تفاصيل الحادثة واستمرارها.
3) اهتمام رجال الدين بهذه الواقعة والترويج لها حيث ينفرد الإمام الحسين من بين الأئمة بما تبديه الحوزة العلمية من اهتمام بذكرى استشهاده.وبالتالي يتأثر الرأي العام لاسيما وأن المجالس الحسينية ليست حكرا على رجال الدين بل يرتادها كل الناس بما فيهم الشعراء والكتّاب وأصحاب الفنون الأخرى ..وكل له تأثيره.
4) عادات الآباء يتقلدها الأبناء فمع مرور السنين أصبح إحياء ذكرى عاشوراء ضمن العادات والتقاليد التي يتربى الشيعي عليها والتي يأخذها جيل عن جيل .
5) أصبحت ذكرى الحسين عامل من عوامل توحيد الشيعة إذ يحسون بالقرب والانتماء والانسجام في إطار الثقافة الشيعية التي تميزهم في مقابل الثـقافات الأخرى لاسيما الثقافة السنية التي كانت هي الحاكمة في العالم الإسلامي بينما كان الشيعة أقلية وبحاجة إلى الاقتراب من بعضهم البعض والامتياز بهوية خاصة وإعلان وجود ولبس أفضل من الثورة الحسينية كمفخرة ثقافية في ذلك..
6) تنفرد طقوس عاشوراء بأنها الاجتماع العام الذي يقبل بمشاركة الجميع كما أنها التظاهرة التي يتمكن الفرد فيها من إظهار نفسه ومواهبه : إذ يستطيع ذو القوة البدنية أن يرفع الرايات الثقيلة مثلا والمباهاة بقوته ويتمكن ذو الصوت الحسن من النعي وجذب الأسماع وذو الميول الإدارية له أن يدير المواكب وينظم ويستطيع الغني بذل ماله وكسب الوجاهة الاجتماعية، وإذا كان ضعيفا يأكل الطعام ويلطم على صدره وإذا كان شقيا يطبر وإذا كان رقيق القلب يذرف الدموع ومن لا يتمكن أو لا يرغب في المساهمة يقف متفرجا فيكسب أجرا أخرويا ومتعة دنيوية ، وإذا كانت امرأة خرجت بدل الانزواء في البيت..الخ
7) في بعض الفترات التاريخية منعت الطقوس العاشورائية لذلك تزيد رغبة الإنسان بالممنوع فكلما تصدت الحكومات لهذه الشعائر تأتي النتيجة لدى الشعوب معاكسة حيث يزيد التعلق بها والإصرار عليها حتى لو بالخفاء.
8 ) الدعوة للاحتفال بالحسين ونهضته ورعاية هذا الاحتفال يأتي من خلال أنشطة مجتمعية ومؤسسات شعبية فلابد أن يستجيب لها الجمهور ويتفاعلون معها أكثر من لو كانت من جهة الحكومات.
9) استئناس عامة الناس بالأساطير والحوادث الرمزية والمبالغات التي ضاعفت من قداسة هذه الواقعة كونها مرتبطة بشخص مقدس وبطل وهو (الحسين) سبط النبي (ص).
* للاطلاع : راجع مجلة (نصوص معاصرة) العدد الثامن 2006
**باختصار وتصرف من المصدر.
